كان هذان القدّيسان كاتبَين لدى القدّيس بولس المعترف، بطريرك القسطنطينيّة، وكان مرقيان، إلى ذلك، مساعد شمّاس ومرتيريوس مرتّلًا. امتازا بسِعة المعرفة والخلق الطيّب والتقوى وكانا متمسّكَين بالإيمان القويم الذي عبّر عنه المجمع النيقاويّ الأوّل (335 م) بشأن ألوهيّة الابن ومساواته للآب في الجوهر الإلهيّ. لمّا جلس الإمبراطور قسطنتيوس (337م -361م) على العرش بعد أبيه قسطنطين، أطلق يد الآريوسيين واستخدم موظّفيه وجنّدههم ليفرضوا العقيدة الآريوسيّة على الكنيسة فرضًا. فكان أن أُقيل البطريرك بولس المعترف من منصبه وأُرسل مخفورًا إلى المنفى، في أرمينيا، حيث قضى عليه الآريوسيّون خنقًا، وأقاموا على كرسيّ القسطنطينيّة، عوضه، آريوسيًّا اسمه مقدونيوس. ثمّ إنّ الآريوسيّين، في إطار سياسة تصفية ذوي الرّأي القويم، أتوا بمرقيان ومرتيريوس الكاتبَين وحاولوا استمالتهما إلى حزبهم فأخفقوا. فعرضوا عليهما مالًا وترقيات فلم يذعنا. ولمّا أيقَن الآيورسيّون أن ليس في اليد حيلة أسلموهما إلى فيليبّس، أحد عمّال القصر الملكيّ الكبار، فساقهما إلى مكان بالقرب من باب المدينة المسمّى ميلنديسيا، كانت تُلقى فيه جُثث المحكومين بالموت، وهناك قطع هامتَيهما وألقاهما في حفرة وذهب. وقد أجرى الله عجائب كثيرة بواسطة رفاتهما. ولمّا اعتلى القدّيس يوحنّا الذهبي الفم الكرسيّ البطريركيّ في القسطنطينيّة، بنى في موضع استشهاد هذين القدّيسين كنيسة على اسميهما إكبارًا وإكرامًا.
طروبارية القدّيسين الشهيدين مركيانوس ومرتيريوس
لمّا حزتما الغيرة الإلهيّة، سوّدتما ضلالة آريوس، فكرزتما بثالوثٍ متساوٍ في الجوهر، يا مركيانوس ومرتيريوس المتأّلها العزم، يا حارسَين لاستقامة الرّأي ثابتَين. فيا أيّها الشهيدان الإلهيّان، تشفّعا إلى المسيح الإله أن يمنحنا الرحمة العظمى.