القدّيس الشهيد عبد المسيح رئيس طور سيناء (القرن الثامن الميلاديّ)

mjoa Saturday March 9, 2024 359

 all_saintsكان رجل من نصارى نجران يُقال له قَيس بن ربيع بن يزيد الغسّاني من خيرة العرب النصارى فيها، حسن العبادة، فهيمًا بما له وبما عليه. هذا خرج، مرّة وهو ابن عشرين سنة برفقة قوم مسلمين من أهل نجران يريد الصلاة ببيت المقدس. وكانوا هم عازمين على الغزو. فلم يكفّوا، في صحبتهم له، عن إغرائه واستهوائه حتّى صيّر طريقه إلى الغزو معهم. وكان قَيس من أرمى الناس سهمًا وأشدّهم بالسيف ضربًا وأصوبهم بالرمح طعنًا. وقد حملته الجهالة والحداثة وخبث الصحابة إلى الدخول معهم إلى أرض الروم فقاتل وانتهب وأحرق ووطىء كلّ محرّم، أسوة بهم، كما صلّى معهم وصار على الروم أشدّ غيظًا منهم وأقسى قلبًا. وقد أقام ثلاث عشرة سنة مدمنًا الغزو كلّ سنة ولا يبرح الثغور. فلمّا تمّت له السنون خرَج إلى بعض مدن الشام ليشتّوا فيها، دخل مدينة بعلبك ونزل في كنيسة وجلس يستمع إلى كاهن يقرأ الإنجيل وطلب منه أن يفسّر له ما يسمعه منه، بكى قيس ممّا سمعه ولمّا سأله الكاهن لماذا يبكي أخبره عن وضعه كيف أنكر إيمانه فطلب منه الكاهن أن يتوب، فقام قَيس وصلّى في الكنيسة ورمى سلاحه وعاهد الله أن لا يعود إلى شيء ممّا كان فيه، بعد ذلك عرّفه الكاهن وحلّه من خطاياه وناوله القُدسات. فانتقل بعد ذلك إلى القدس ودخل إلى بطريركها وأخبره بقصّته ففرح به وشدّده وأرسَله إلى دير القدّيس سابا ليترهّب وليتعلّم الحياة الرهبانيّة.
وبعد خمس سنوات ترك الدير وطاف في الديارات ومضى إلى طور سيناء فأقام فيه سنتين في عبادة شديدة وخدمة للرّهبان. ثمّ أحبّ أن يُظهر أمرَه فأتى إلى الرّملة ومعه راهبان فاضلان، فكتب كتابًا فيه: “أنا قيس بن ربيع بن يزيد الغسّاني النجراني. وكذا قصّتي ….. وقد تنصّرت وترهّبت زهدًا في الإسلام ورغبة في النصرانيّة. وأنا في كنيسة الرّملة، فإن أردتموني فاطلبوني فيها. وألقى الكتاب في مسجد الجامع بالرّملة، ثمّ مضى هو والرّاهبان فجلسوا في الكنيسة السفلى للقدّيس جاورجيوس بالرملة. فلمّا قرأ المسلمون الكتاب في المسجد تصايحوا وخرج منهم قوم يطلبونه. وإذ أتوا إلى الكنيسة بحثوا عنه فيها في الداخل والخارج، بحثوا في كلّ الكنيسة لكنّهم لم يروهم. ترك الكنيسة وعاد إلى طور سيناء فأقامه الرّهبان في دير هناك رئيسًا للدير فبقيَ سبع سنين. ولمّا قسا صاحب الخراج على طور سيناء خرج الرّهبان نحو الرملة، فالتقوا بمجموعة من الحجاج الذي تعرّف واحد منهم عليه ودفع برفاقه لإلحاق الأذى بهم وتوجّه نحو الحاكم في المدينة فوشى به ولمّا رفض قيس العودة عن إيمانه دفعه إلى الجلّاد وأمر بضرب عنقه وهكذا استشهد. (سيرته وردت في كتاب القدّيسون المنسيّون، ص 293 – 297م).

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share