رحّب الأمين العام بالأخوة الحركيين من المراكز المختلفة كما رحّب بالمشاركين المدعوين من آباء وأخوة مؤكّدا على الفرح الكبير لإنعقاد هذا المؤتمر السنوي الذي نتدارس فيه هموم الكنيسة وقضاياها.
ثم عرض الأمين العام لكلمته التي لم يردها تقريرًا عن الشؤون الداخلية الحركية إنما تناول النقاط التالية:
– المُراد من الاجتماع اكتساب صفة شهادية مما يحبط بنا داخليًا رعائيًا واجتماعيًا.
– هل من موقف وشهادة للحركة خلال حرب تموز؟ وهو موضع نقاش بين الشباب.
– موضوع تأسيس منتدى ثقافي أرثوذكسي ودوره في تعاضد الطاقات الكنسية.
– الدعوة إلى بدء مسيرة التحرر من تقليدية ثقيلة تعبث بنا وانغلاق ملحوظ عبر استدعاء الله ليحضر في كلّ وجوه حياتنا.
الجلسة الثانية
قراءة لأوضاع الكنسية الإنطاكية ولدور الحركة ومرجواته – شفيق حيدر
ركّز الأخ شفيق على ضرورة سماع ماذا يقول الروح للكنيسة اليوم؟ وتوقف عند مفهوم المجمعية في الكنيسة والتي هي تعبير عن الشركة مداها محبة الله دونما شرك ومحبة الأخوة بصدق. وإنطلاقا من بيانات المجمع المقدس منذ عام 2002 اتضح للأخ شفيق أن أغلب القرارات المجمعية ظلت على ندرتـها حبرًا على ورق لغياب الأداة التنفيذية. لذا من الضرورة تشكيل أمانة سرّ تنفيذية للمجمع المقدس همّها: أن تحضّر لإجتماعاته، وأن تتابع الدراسات، وتلاحق التنفيذ، وترصد الحاجات، وتعدّ الملفات.
كما أشار الأخ شفيق إلى غيوم في سماء إنطاكية رغم الفسحات النيّرة هنا وهناك. من هذه الغيوم:
الغيمة الأولى: الفردية
– تقوقع الطاقات النهضوية.
– عمل الدير كخلية مستقلّة في كثير من الأحيان.
– اهتمام الكاهن برعيته دون الإهتمام بالرعية المجاورة.
– انصراف كلّ مؤسسة أرثوذكسية (تربوية، دور عجزة، مياتم…) إلى تدبير أمورها بنفسها.
هذه الروح هي نقيض الروح القدس الذي يجمع ويلملم ويوحّد.
ودعا الأخ شفيق الحركة إلى:
-أن تعي أنـها في شركة مع الكلّ.
-كلّ نشاطاتـها ليست حصرًا لها بل هي مفتوحة للكنيسة.
– التزام كل من يعمل في الكنيسة بروح الرب والاتضاع.
– الإيمان بأن كلّ ما يخصّنا يخصّ الجماعة المؤمنة.
– وعي أن الحركة تنظيم له حدود ولكن لا حدود له: لها الطابع الإسراري.
الغيمة الثانية: شيوع الإدانة
هذا يقود إلى رفض الآخر وعدم قبوله.
الغيمة الثالثة: تقزيم الأرثوذكسية
-حصرها بنمط عيش وزي ولغة وقوالب.
-الخلط بين التقليد الحيّ وبين التقاليد.
ختامًا دعا الأخ شفيق الحركيين إلى ممارسة الفكر الجدي الفاهم والقائم على الحوار الذي يقدح الألباب. (ملحق 3)
مداخلة الأخ زاهي عازار حول كلمة الأخ شفيق حيدر
أشكر الأخ شفيق والأخ رينه لأنـهما جعلانا نعي أهمية تجاوز حالة الفردية والإنعزال التي نعيشها في الحركة والكنيسة.
وهذه الإشكالية التي طرحها رينه في ورقته بدا الأخ شفيق وكأنه يقدم لنا “بدايات” أجوبة في قوله: “علينا أن نبني الثقافة النقدية” في الحركة. ما نواجهه اليوم يا أحبة في واقعنا الكنسي اليوم هو طغيان “ذهنية الدفاع” وهي على ما أظن ناتجة عن الشعور بالخوف الذي نعيشه كلنا. هذه الحالة تجعلنا نظن أننا في “حالة دفاع” عن الجماعة الكنسية، إنما في الواقع نحن نبتعد عن كنيسة يسوع المسيح التي نسعى إلى بنائـها.
وإذا ما لاحظنا ما يدور اليوم في حياتنا الكنسية عن أن الذهنية السائدة جعلتنا نبتعد عن “الحوار الحقيقي العميق”، نبتعد عن”العلاقات الديمقراطية” أو “التشابكي” تحت عنوان أن “الحفاظ” على الكنيسة هو الأولوية فيزداد المسؤولون تسلطًا، ويقلّ الهمّ الثقافي والسعي إلى الإلهام بالمعارف… الواقع أن “الحدود” التي نرسمها للحركة والكنيسة صارت تحدد كل اهتماماتنا وعلاقاتنا وهذا ما نراه كثيرًا في حياة الكنيسة وينعكس كذلك على حياتنا الحركية.
“نحن جماعة تتأثر كثيرًا بما حولنا” ونعيش اليوم للأسف على وقع “نمو الأصوليات” وهي مؤثرة كثيرًا في توجهاتنا والرؤى وكنائسيتنا.
كيف نتصدى لهذا الواقع وبرامجنا الحركية ما تزال “تلقينية” بعيدة كلّ البعد عن بناء “الثقافة النقدية” التي يدعو إليها الأخ شفيق… القضية هي أي ملامح للحركي ترتسم اليوم؟.. إنـها ملامح شخص يرى الكنيسة ضمن ردّة الفعل على ما يدور حولنا وليس بالنسبة للمطلق أي يسوع المسيح. وهنا، الحركة مدعوة إلى المبادرة للتصدي لهذه الحالة قبل أن تصير “أمرًا واقعًا” من الصعب تجاوزه.