القدّيس يوسف هو الأخ الثاني للقدّيس ثيودوروس الستوديتي. وُلد حوالي العام 761م. تلّقى تعليمًا ممتازًا. بتأثير خاله القدّيس أفلاطون، ترهّبت أمّه وأخته في دير في القسطنطينيّة فيما انصرف هو ووالده وأخواه وآخرون من العائلة إلى ساكوذيون في جبل الأوليمبوس البيثيني، وهو ملكيّة عائليّة، فحوّلوه ديرًا.
ازدهرت الشركة بالنّعمة الإلهيّة والعناية الحكيمة للقدّيس أفلاطون، وإذ كان يوسف غيورًا في الأتعاب النسكيّة، استبان كثيودوروس ثانٍ. غير أنّ سلام رجال الله اهتزّ عندما طلّق الإمبراطور امرأته الشرعيّة واقترن بنسيبة لثيوكتيستا والدة القدّيس يوسف في العام 795م. فاحتجّ الرّهبان باسم تراث الكنيسة والقوانين المقدّسة وردّوا كلّ محاولات الملك لمصالحتهم. وإذ امتنعوا عن تحيّة الإمبراطور خلال زيارته لمنابع المياه المعدنيّة الحارّة في بروسا، عمد الإمبراطور إلى محاصرة الدير بالعسكر وحجز العديد من الرّهبان الذين كان بينهم أفلاطون وثيودوروس ويوسف، في حصن الكاتار. أمّا ثيودوروس ويوسف فجُلدا ورُحّلا إلى تسالونيكي مع أبيهما وعشرة رهبان. وقد تمكّنت ثيوكتيستا من الوصول إلى السّجن وضمدّت جراح والديها كما انضمّت إليهما في الطريق إلى المنفى وشجّعتهما على مكابدة المحَن من أجل الحقّ. وبعد رحلة شاقة دامت 36 يوم سيرًا على الأقدام، وصلا في عيد البشارة إلى تسالونيكي حيث استقبلهما الحاكم ورئيس الأساقفة توما بلياقة، ولكن لم يطل بهما المقام هناك حتّى وصل أمر ملكيّ بفصل المعتقَلين أحدهما عن الآخر. ورغم ذلك تمكّنا من التواصل بالرّسائل. لم تدم فترة الأسر طويلاً، فإثر سقوط قسطنطين السادس واستلام أمّه زمام السلطة أُطلق سراح المنفيّين وعادا إلى ساكوذيون، لم يجدا السلام في الدير لأنّ البلاد كانت عرضة لغزوات البربر، فتحوّلا إلى القسطنطينة واستقرّا في دير الستوديون المهجور، وعاش يوسف في طاعة أخيه منشغلاً في تأليف الأناشيد التي بقي الكثير منها في كتب اللّيتورجيا.
ثم إنّ ترقية القدّيس نيقيفوروس من الرّتبة العاميّة إلى الكرامة البطريركيّة، بأمر الإمبراطور، عادت فأجّجت صراع الستوديّين مع السلطة من أجل الدفاع عن حقوق الكنيسة والشرع الكنسيّ. فقد عارض ثيودوروس وأفلاطون الانتخاب وسُجنا بضعة أيام، إلى أن اعترفا بالبطريرك، وحدث بعد ذلك مشاكل بين الإمبراطور ورهبان دير الستوديتي فسُجن مرّة أخرى أفلاطون وثيودوروس في دير القدّيس ماما ورُحّل يوسف إلى جزيرة لأنّه أقام قدّاسًا في دير ستوديون دون إذن البطريرك.
بعد وفاة الإمبراطور نيقيفوروس، وصل الإمبراطور ميخائيل الأوّل إلى سُدّة الحكم فسمح بمصالحة الستوديّين والبطريرك نيقيفوروس. وأصبح ثيودوروس مستشار الإمبراطور واستردّ يوسف كرسيّه الأسقفيّ على تسالونيكي. ومع عودة حرب الإيقونات إلى الواجهة بقيادة الملك لاون الأرمنيّ، انتُزع الأسقف يوسف من رعيّته وتلقّى أمرًا بالاعتزال في ساكوذيون حيث أمكنه إقامة مراسلات مع أخيه الذي نُفي إلى ماتوبا. وفيما بعد رُحّل إلى جزيرة في عمق الشتاء وكابَد هناك مشاقّ النّفي بفرح بسبب المراسلة مع أخيه، ونُقل إلى حصن البيزون حيث بقي إلى رقاد الملك لاون الأرمنيّ. ولمّا تبوّأ الملك ميخائيل الثاني العرش، أصدر عفوًا عن كلّ المعترفين فأمكن ثيودوروس ويوسف أن يعودا من المنفى تلك السنة. غير أنّ دخول ستوديون بقي محظّرًا عليهما. وإذ ألزمتهما غزوة عربيّة أن يغادرا محلّ إقامتهما، توجّها إلى جزيرة برانكيبو. لم يكن القدّيس يوسف موجودًا عندما رقد أخوه في العام 826م. وإذ عادت الهجمة على الإيقونات فاستعرت في عهد الإمبراطور ثيوفيلوس، نُفي يوسف إلى بلدة بعيدة في تساليا وحُرم حتّى ممّا هو ضروري. هناك أسلم روحه لله في العام 832م. وقد قيل أنّ جسده تُرك دون دفن في مكان مشجّر رطب. ثمّ بعد ذلك بإثني عشر عامًا نجح القدّيس نوكراتيوس في إيجاد بعض بقاياه التي نُقلت باحتفال مَهيب إلى القسطنطينية مع رفات القدّيس ثيودوروس. وقد وُضعت رفات الاثنين في مدفن القدّيس أفلاطون في كنيسة ستوديون.