تذكار أبينا الجليل في القدّيسين سمعان الفارسي ورفقته (+341م)

mjoa Wednesday April 17, 2024 199

all_saints

يُعرف القدّيس سمعان، عند السّريان، بتسمية مار شمعون برصبّاغي، لأنّ آباءه كان من حِرفتهم أن يصبغوا بدم ليس من دمهم ثيابًا حريريّة كسوة لمملكة عدوّة الحقّ. فيما صبغ قدّيسنا المعظّم بدمه ثوب نفسه الذي تزيّن به في ملكوت السماء. كان رئيس أساقفة على سليق وقطفسون. والذين قضوا معه كانوا مائة وثلاثة.
مفاد استشهاد سمعان ورفاقه، كان زمن شابور الذي قام على النصارى واضطهد كهنتهم ورهبانهم وهدَم كنائسهم وأديرتهم. وأصدر أمرًا بإلزام شمعون رئيس أساقفة النصارى، أن يوقع صكًّا يأخذ فيه على نفسه أن يجمع ويستلم الجزية من جميع النصارى مضاعفة. جواب القدّيس اتّسم بتواضع عظيم وشجاعة كبيرة. وأقرّ بأنّ أمرَ ملك الملوك يفوق طاقة المسيحيّين فنحن لا نقدر على حدّ تعبيره “أن نأخذ على أنفسنا إعطاء الجزية مضاعفة لأنّنا فقراء لا نملك شيئًا. إلّا أنّ مساكننا وأملاكنا قدّامكم فخذوها. ليس من شأن ملك السماء أن يأمرنا نحن المتّضعين أن نكون قساة ظالمين. أمّا إذا أراد الملك إبعادي عن محبّة إلهي فأشارعليّ بأن أوافقه دون إرادة سيّدي فبُغضه أعزّ عليّ من محبّته ومقاومته أحبّ إليّ من طاعته والموت أود لي من الحياة الفانية”.
غضب الملك شابور من جواب القدّيس واتّهمه بالخيانة، وأنّه يشاء أن يجعل تلاميذه وملّته خدّامًا لقيصر عدوّه. وقد سعى المجوس إلى إغارة صدر الملك شمعون بالأكثر. وأخذوا يهدمون الكنائس ويلاحقون المسيحيّين، وقد جمع شمعون الرّهبان والكهنة والشمامسة ليقويهم، طالبًا منهم التدرّع بدروع الإيمان. وليحفظوا أوامر الرّب فيحفظكم. “أحبّوا الذي أحبّنا وقرّب نفسه ضحيّة عنا حتّى يحيينا بموته… هذا ما أوصيكم به لأنّي عالم أنّكم لن تروا وجهي بعد اليوم فإنّي مزمع أن أُذبح من أجل الشعب المسيحيّ والإيمان الحقيقيّ…” ثمّ صلّى ورفع يديه وباركهم. سلّم القدّيس وبعض الكهنة أنفسهم واستيقوا إلى ليدان، ومثَلَ شمعون أمام شابور، وإذ احتجّ على مضاعفة الجزية لأنّ شعبه فقير، وأمّا الجزية فأكّد أنّه ليس مستعدًّا أن يضايق شعبه ولو أمر الملك بسلخ جلده.
ودار بين الملك والقدّيس حوار لاهوتيّ. أراد الملك أن يحمل شمعون على عبادة الشمس فامتنع لأنّ الشمس والقمر والنار ستطفأ وتزول. أمّا يسوع فهو إله وإنسان معًا. وأنّه صار إنسانًا لأنّ الله أراد أن يردّ الناس عن الضلالة. وعلّم الناس الفضائل ومارسها هو نفسه وأبرأهم من أوجاعهم وردّهم عن عبادة الأوثان وأسلم ذاته للموت طوعًا لكي يحيا فيأتي بدليل قاطع على قيامة جميع الناس. فقام وصعد إلى السماء، وهو عتيد أن يأتي ليقيم الموتى. وسعى الملك والمجوس إلى حمله لاقتبال آلهة الملك ولم يُجدِهم  التهديد، فأمر الملك بإلقائه في السّجن. وفيما خرج به الجند التقاه كوشتازد رئيس الخصيان، الذي دنا منه وسجَد له فزجَره القدّيس، وأنّبه لأنّه كفَر بملِكه الحقيقيّ خوفًا من شابور. فعاد إلى بيته وغيّر حلّته وجاء إلى الملك واعترف أنّه قتل نفسه حين سجد للشّمس كذباً، فأمَر الملك بقطع رأسه لأنّه نصرانيّ. وفرِح شمعون حين بلغه خبر كوشتازد وارتاح إلى مصير شعبه. وفي الجمعة العظيمة جرى قطع رؤوسهم جميعًا.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share