كلمات التواضع والرفعة – المطران بولس بندلي

mjoa Tuesday December 13, 2016 363

كلمات التواضع والرفعة   – المطران بولس بندلي

في إنجيل هذا النهار نوعان من الكلمات، النوع الأول يتلفظ به إنسان ممتلئ من نفسه يظن أنه شيء “مهم” فيشكر الله على “أنه ليس مثل باقي الناس” الذين ينعتهم بأقبح النعوت. لنتصور هذه الوقاحة عند إنسان مخلوق “يشكر” خالقه على طريقته الخاطئة وكأنه يقول لله: أنت لم تُحسن خلقك أبداً ناسياً أن كل ما خلقه الله حسن وخاصة الإنسان الذي توج السيد خلَقه ووجد فيه أن عمله كان حسناً جداً إذ خلق الإنسان على صورته ومثاله، كل هذا إختفى من أمام أعين الفريسي الذي لم تعد هناك حدود لكبريائه وكأنه توصل إلى إدانة الله نفسه…

أما النوع الثاني فيظهر لنا في مقطع إنجيل هذا االنهار متجلياً في العشار الذي كان الناس كلهم يدينونه ويشيرون إليه بالأصابع، رأيناه لا يرفع عينيه إلى فوق وكأنه لم يرد أن يرى شيئاً سوى ذاك الذي أتى ليخلص ما قد هلك. عينا الجسد مغلقتان عنده ليرى في عمق بصيرته الداخلية وبعمق تأمله كم هو خاطىء ولكن الرؤيا ازدوجت حتماً باخرى كشفت له عمق رحمة إلهه الذي سوف يكون لا صورة لكي يراها البشر فيرتاحون إليها، كل هذا كونه لا يرى في ذاته إلاّ يسوع وإياه مصلوباً من أجله ومن أجل كل خاطىء مثله. فها هو يسبق صرخة اللص عن يمين الحمل الذبيح الذي يهتف إن كانت خطاياكم حمراء كالقرمز “فأنا أبيضها كالثلج” ولكن ذلك مشروط حتماً بأن تكون صلاة الإنسان “اللهم إرحمني أنا الخاطي” وأن يدرك أن الله لا بد وأن يرحمه لأن القلب المتخشع المتواضع لا يرذله الإله الذي أتى ليخلص ما قد هلك.
أحبائي أي من الموقفين سنتعهد ونحن دخلنا فترة مقدسة تعدّنا للولوج الكامل في فترة الصوم الأربعيني المقدس.
فلا نصلين يا إخوة كالفريسيين بل مثل العشار التائب لنصرخ: اللهم إرحمني أنا الخاطي متذكرين خطايانا وحاجبين أنظارنا عن أخطاء الآخرين متكلين على من رحمته لا تحصى وهو الذي يعطينا أجمعين مغفرة زلاتنا ويؤهلنا لأن ندخل مجده ومحبته. آمين.

نشرة البشارة
العدد 8 – في 24/2/2002
 أحد الفريسي والعشار
ظهور هامة القديس يوحنا المعمدان

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share