القدّيسة نونة المعادلة للرّسل هادية بلاد الكرج

mjoa Friday October 27, 2023 164
all_saintsسيرة القدّيسة مستمَدّة من المؤرّخ الرّاهب روفينوس (345 – 410م) الذي كتبها باللّاتينيّة، ثمّ تُرجمت إلى اللّغة اليونانيّة. أمّا النّصوص الجيورجيّة للسيرة فمتأخّرة، من القرن العاشر أو الحادي عشر للميلاد. يُذكر أنّ روفينوس تحدّث عن هداية الجيورجيّين دون أن يعطي القدّيسة نونة أيّ تسمية. فقط قال عنها “ثمّة امرأة مسبيّة”. أمّا الاسم فأُطلق عليها ابتداءً من القرن العاشر، وله صيغة أخرى “نينو”، ولعلّه مستعارٌ من اللاتينيّة ومعناه “راهبة”.
وُلدت القدّيسة في مكان ما من بلاد الكبادوك لأب اسمه زبولون كان قائدًا عسكريًّا في زمن الإمبراطور قسطنطين الكبير. تربّت على محبّة الله وحفظ الوصايا. وقعَت أسيرة في أيدي الأيبريّين أي الأكراج (بلاد الكرج) واقتيدَت إلى بلادهم. الشعب الكرجيّ يومَها كان غارقًا في دياجير الوثنيّة وعبادة النار. حافظت القدّيسة على إيمانها ومارَست النسك وبشّرت بالإنجيل دونما خوف، وكانت لا تكفّ عن الصلاة ليل نهار. أثار سلوكُها دهشة البرابرة واستغرابهم فسألوها عن الأمر فقالت إنّها تعبد المسيح إلهَها ويبدو أنّها حرّكت فضولية النّساء بصورة أخصّ، إلى أن جرَت سلسلة أحداث غيّرت مجرى حياة بلاد الكرج. كان ثمّة عادة بين النساء هناك أنّه إذا مرِض طفل لإحدى النساء وعجزت عن معالجته دارَت به على جيرانها تسأل إن كان أحدٌ يعرف دواء يمكن أن ينفع الطّفل المريض. وإنّ إمرأة وقَع طفلها مريضًا فحاولَت كلّ علاج خطَر ببالها فلم تستفد شيئًا، فأخذَته إلى جيرانها فلم يقدر أحد أن يعينَها. أخيرًا أخذَته إلى نونة وسألَتها العون إن كان بوسعها فأجابت أنّها لا تعرف علاجًا بشريًّا لكنّها أكّدت أنّ المسيح الذي تعبده هو وحده القادر على إبراء وليدِها. ولمّا قالت ذاك أخذَت الطّفل بين يدَيها ووضَعته على غطائها الشعريّ الذي اعتادت أن تتمدّد فوقه ورفعَت يدَيها إلى السّماء وتضرّعت إلى الربّ الإله فعاد الطّفل صحيحًا فسلّمته إلى أمّه.
وسرى خبر الأعجوبة بين النّاس كالنّار بين الهشيم إلى أن انتهى إلى الملكة التي كانت تعاني من مرض خطير وآلام مبرّحة ويأس مطبق. فأمرَت بإحضار المرأة الأسيرة، فتمنّعت لطبيعة حياتها فحمَل الجنود الملكة  فجعلَتها نونة على الغطاء الشعريّ، ثمّ دعت باسم الربّ فقامت الملكة صحيحة معافاة. وكانت حادثة الشفاء هذه إيذانًا ببدء زمن جديد في حياة الشعب الكرجيّ. بعد هذه الحادثة أرسَل الملك سفارة إلى الإمبراطور قسطنطين الكبير سألَه من خلالها أن يعمَد إلى إرسال من يبشّر الشعب الكرجيّ بكلمة الخلاص. يُقال أنّ الإمبراطور أرسَلَ القدّيس أفسطاتيوس أسقف أنطاكية لأجل أنّهم من أبرشيّته. ومن ذلك الوقت صارَت العادة أن يسام رئيس الأساقفة على بلاد الكرج بيد بطريرك أنطاكية وسائر المشرق واستمرّ هذا العرف حتّى القرن الثامن. أمّا القدّيسة نونة فقد تحوّلت إلى هداية الجماعات البربريّة في الجبال، ثمّ انصرفت إلى حياة السكينة إلى أن رقدت بسلام في الربّ.

طروباريّة القدّيسة نونا
لنكرِّم جنديَّة المسيح، ومعادلة الرّسل نونة المجيدة في البتولات. لأنّها بقوَّة الرّوح، جابَهت كلَّ المصاعب، معترفةً بالمسيح إلهاً. فشرَّفها لتحمل النور إلى إيبيريا، فتسبَّحُ على الدَّوام: مجداً للرّب ممجدِّكِ، مجداً للمسيح مجنِّدك، مجداً لمن أعطاك لنا شفيعةً.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share