تذكار القدّيس أبينا الجليل بولس المعترف رئيس أساقفة القسطنطينيّة (+ 351م)

mjoa Monday November 6, 2023 189

paul_confessorوُلد القدّيس بولس في تسالونيكي في أواخر القرن الثالث، أو أوائل القرن الرّابع للميلاد. جاء القسطنطينيّة يافعًا، ولم يلبث أن انضمّ إلى خدّام الكنيسة فيها. أبدى منذ أوّل عهدِه بالخدمة تمسّكًا بالإيمان القويم اقترن بالصّلابة والتّقوى والطهارة في المسرى والوداعة. وقد سامه البطريرك ألكسندروس، في وقت قصير نسبيًّا، شمّاسًا ثمّ كاهنًا وكانت عينه عليه. ولمّا شعر البطريرك بدنوّ أجلِه في العام 336 م، سُئل بمَن يشير خلفًا فكان جوابه: إذا رغبتم في راعٍ فاضل وصاحب إيمان قويم وعِلم جزيل، فعليكم ببولس الكاهن. وإذا ما آثرتم رجلًا وسيم الطّلعة، فصيح اللّسان، يُتقن مراسم العظَمة ويتّبع مظاهر الجلال فعليكم بمكدونيوس الشمّاس. فما أن فارق البطريرك حتّى جرى اختيار بولس. ولكن كان هذا إليه إيذانًا بعهد لم يعرف خلاله طعم الرّاحة لأنّ ما لحِقه من الإفتراء والتنكيل والاضطهاد من الآريوسيّين، لم يتوقّف، وكان هو ثابتًا راسخًا شامخًا كالطّود، رمزًا للإيمان القويم، حتّى الموت. خمس مرّات أُبعد عن كرسيّه وشعبه وأربع مرّات عاد. ثلاث مرّات لجأ إلى رومية. مرّتان أُخذ بالحيلة وقُيّد بالسلاسل واقتيد إلى المنفى. والشعب وقف بجانبه في مواجهة الدولة التي آزرت أتباع آريوس، لا سيّما الإمبراطور قسطانس. وكم من صدام دمويّ حصَل بسببه بين المؤمنين والعسكر حتّى أنّ الدولة لم تعد تجرؤ على اتّخاذ أيّ تدبير علنيّ ضدّ بولس مخافة ردّ الفعل الشعبيّ. وقد كانت المواجهة ضارية أحيانًا إلى درجة أن قائدًا أوفده قسطانس لِوَأد ما اعتبره فتنة، اسمه هرمجان، انقضّت عليه الجموع وقتلته وجرّت جثّته في الشوارع وأحرقت منزله. كلّ ذلك زاد من حِقد الآريوسيين على بولس، كما زاد من سعي الإمبراطور إلى التخلّص منه بكلّ الطرق الممكنة. وما كان ليحتمله، أحيانًا، إلّا مرغمًا لأنّ الإمبراطور قسطان، سيّد الإمبراطورية في الغرب وأخ الإمبراطور البيزنطيّ قسطانس، كان أرثوذكسيًّا وكان يستعمل نفوذه، لدى أخيه، لإعادة بولس إلى كرسيّه. ولا شكّ أنّه كان للبابا الروميّ يوليوس دوره في ذلك. وممّا عمِله أنّه دعا إلى مجمع في سرديكا (347 م) وأدان فيه الأساقفة الآريوسيّين وطلب إعادة الأساقفة الأرثوذكسيّين إلى كراسيهم. ولكن، بقيت الأمور تتقلب إلى أن جرى نفي بولس إلى كوكوزا، في أقاصي أرمينية، إلى حيث سيُنفى أيضًا القدّيس يوحنّا الذهبي الفم، بعد نصف قرن تقريبًا. وفي كوكوزا تحمّل بولس الجوع والعطش والتعب ولهب الشمس. أخيرًا، فيما كان، مرّة، يقيم الذبيحة الإلهيّة، دخل عليه الآريوسيين وخنقوه. وقد كان ذلك في العام 351 للميلاد. ثمّ إنّه جرى نقل رفات القدّيس بولس إلى القسطنطينيّة في أيّام الإمبراطور ثيودوسيوس الكبير (381 م). بعد ذلك سطا عليها الصليبّيون ونقلوها إلى البندقية في العام 1236 م، حيث ما تزال إلى اليوم .

طروبارية القدّيس بولس
1-  أيها الأب البار بولس، إنَّ اعترافك بالإيمان الإلهي، جعلك بولساً آخر للكنيسة، وغيوراً في الكهنة، ودمك يهتف إلى الرّب مع دم هابيل ودم زخريا الزّكي، فابتهل إلى المسيح الإله أن يمنحنا الرحمة العظمى.
2-  صرتَ بولسَ، آخر للبيعة. باعترافك، بالإيمان الحق. وغيوراً إلهياً في الكهنة. وها ينادي لدى الرب دمك، مع دماء هابيلَ وزكريا. فيا أبانا البار، للمسيح الإله ابتهل، أن يهب الجميع الرحمة العظمى.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share