تقدمة عيد الظهور الإلهي – تذكار النبيّ ملاخي (القرن الخامس قبل الميلاد)

mjoa Wednesday January 3, 2024 233

malachiهو صاحب السِّفر الأخير من أسفار الأنبياء الاثني عشر الصّغار. اسمه معناه “ملاكي” أو “رسولي”. لا نعرف ما إذا كان “ملاخي” اسمًا أم صفة. بعض الدّارسين ظنّ أنّ عزرا الكاتب هو صاحب السِّفر، لكنّ أكثرهم يميل إلى اعتباره اسم علم لشخص حقيقيّ. ومن اللّافت أنّ أوريجنّس المعلّم اعتبر الكاتب ملاكًا من السماء. وثمّة تقليد يقول بولادته في بلدة تدعى صوفا في زبولون وإنّه مات ولمّا يزل في عنفوان شبابه. لكن غيرهم يقول به من سبط لاوي.
تاريخ النبوءة غير محدّد بدقّة. وأنّى يكن الأمر، فقد تنبّأ ملاخي بعد الرّجوع من السّبي وبناء الهيكل. وكان الوضع مضطربًا على المستويَين السياسي والعسكري، بين الفُرس من ناحية والهلينيّين من ناحية أخرى. وسرَت في العالم موجة من القلق والفوضى.
لقد فترَت الهمم عند الشعب الإسرائيليّ العائد من السبي أمام الواقع الذي لم يحمِل للوطن المستعاد تغييرات على مستوى الطموحات. واستبان القَيح في النفوس من جديد وكأنّ الفساد بلغ حدًّا لم يعد الرّجوع عنه في طاقة الناس ولو سترته آمال العودة لبعض الوقت.
وثمّة حقيقة ثابتة ينطلق منها ملاخي وهي محبة الله لشعبه. “إنّي أحببتكم. قال الرّب” (1 :2). هذه الحقيقة المفترض أن تكون بديهيّة في أذهان الشعب أضحت لديه موضع شكّ. لسان حال الناس باتت هكذا: “بمَ أحببتَنا؟”. جعلوا الله في قفص الاتّهام. ألزموه بالدفاع عن نفسه. إنّها وقاحة الخطيئة. يخطئون ثمّ يتّهمون الله ليبرّروا أنفسهم. لم يعد الله يُكرَم كأب ولا يُهاب كسيّد. ازدرى الكهنة به. احتقروا مائدة الرّب وقرّبوا على مذبحه طعامًا نجسًا. حادوا عن الطريق وأعثروا كثيرين بالتعليم ونقضوا عهد لاوي (2 :8) وحابوا الوجوه. فجعلهم ربّ القوّات حقيرين أدنياء عند الشعب (2 :9)، وأنذرهم بأن يسمعوا ويُصلحوا أحوالهم أو يلعنهم ويقطع أذرعهم ويذهب بهم. قال لهم رب القوّات: “أنا الرّب لا أتغيّر وأنتم لا تزالون بني يعقوب ..ارجعوا إليّ أرجع إليكم” (3 :7). على أنّه ولو ثبتت الدعوة إلى التوبة فإنّ عين النبيّ كانت على كشف جديد مُقبل. الله آت بنفسه. “ها آنذا مرسل ملاكي فيعِدّ الطريق أمامي ويأتي فجأة إلى هيكله السيّد الذي تلتمسونه وملاك العهد الذي ترتضون به. ها إنّه آتٍ. قال ربّ القوّات. فمَن الذي يحتمل يوم مجيئه ومَن الذي يقف عند ظهوره”( 3 :1-2). وأيضًا: “تشرق لكم أيها المتّقون لاسمي، شمس البِرّ، والشفاء في أشعّتها فتسرَحون وتثبون كعجول المعلف… في اليوم الذي أصنعه، قال ربّ القوّات “(4 :2-3). هنا الإنباء عن مجيء المسيح المخلصّ، نور العالم، الذي في إشعاعه الشفاء. كلام ملاخي النبيّ إطلالة على الملكوت الآتي. أمّا الملاك المرسَل ليُعدّ الطريق أمام الرّب فيوحنّا السابق الذي شهد له الرّب يسوع. غير أنّ يوحنّا صورة عن إيليّا النبيّ. جاء بروحه وغيرته. ملاخي النبي ختم سفره بالقول: “هاءنذا أرسل إليكم إيليّا النبيّ قبل أن يأتي يوم الرّب العظيم الرّهيب فيردّ قلوب الآباء إلى البنين وقلوب البنين إلى آبائهم، لئلّا آتي وأضرب الأرض بالتحريم”(4 :5-6).

طروبارية ملاخيا النبي
إنّنا معيّدون لتذكار نبيّك ملاخيا، وبه نبتهل إليك يا رب، فخلّص نفوسنا.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share