«هكذا يكون الآخرون أوّلين والأوّلون آخرين»، هذه الآية وردت مباشرة بعد مثل فعلة الكرم، وهو بمثابة تطبيق له.
فهناك الأوّلون الذين باشروا العمل في الساعة الأولى من النهار، وهناك الآخرون الذين جاؤوا الساعة الحادية عشرة. وعند استيفاء الأجرة صار الأوّلون آخرين والآخرون أوّلين.
كان الآخرون بطّالين: «لماذا وقفتم ههنا كلّ النهار بطّالين؟». لم يكونوا قد عملوا شيئًا، وتاليًا لم يكن لهم أمل باستيفاء الأجر. عدم البطالة بالنسبة إلينا نعمة. إذ إنّنا بها في الطريق… مهما كان وضعنا، نحن في الطريق، ولنا تاليًا أمل بالوصول والأجر. إنّها نعمة الالتزام…
لكن هناك خطر يداهمنا: أن نحسب أعمالنا ذات قيمة في حدّ ذاتها، وتاليًا أنّنا أصحاب حقّ: «نحن الذين احتملنا ثقل النهار وحرّه».
ولذا لمّا ابتدأ صاحب الكرم يحاسب الآخرين أوّلاً، كان هؤلاء ينظرون إلى الأجرة كمكافأة، إذ لم يكونوا قد غاصوا في العمل. أمّا الأوّلون، فإنّ عملهم كلّ النهار صار مثل رأس مال لهم، صار من حقّهم، صار مثل حاجز بينهم وبين المكافأة.
والمكافأة هي الدينار، رمزًا للمسيح. المكافأة هي المسيح: «خلاص وجهي ليست أعمالي بل إلهي». يقول القدّيس سمعان اللاهوتيّ الجديد إنّ نصيب الإنسان أن يسمع بشارة الخلاص، ويصبو إليها، ويعرف الخلاص.
لكنّ الدينار يُعطى للجميع… إلاّ أنّه يُعطى للبعض نعيمًا وللبعض الآخر جحيمًا: «أم عينك شرّيرة لأنّي صالح؟»…