يستفيق العالم من حين إلى آخر إلى قضيّة هي، وفق تعريفه، قضيّة الأقلّيّات الدينيّة والعرقيّة في بلادنا. يستفيق هذا العالم للقضيّة هذه عندما تتعرّض إحدى الجماعات، ولا سيّما المسيحيّون، لاعتداءات على كنائسهم أو بلداتهم، وما ينتج عنها من قتل وتدمير وتهجير… ينساق المسيحيّون، أو غالبيّتهم، عن علم منهم أو عن غير علم، إلى هذه الاستفاقة…
نشأت الكنيسة يوم العنصرة، وهو اليوم الخمسين لقيامة يسوع المسيح من بين الأموات. في هذا اليوم يحتفل المسيحيّون بحلول الروح القدس على التلاميذ (أعمال الرسل 2، 1-11). فبدأوا، وهم الأمّيّون، ينطقون بلغات عديدة. وكان كلّ عابر، إلى أيّ قوم أو بلد انتمى، يسمعهم يتكلّمون بلغة بلده. هذه الموهبة الجديدة، النطق باللغات، قد وهبهم الله إيّاها…
هل الأعجوبة، في المسيحيّة، وسيلة أم غاية؟ الجواب البدهيّ هو أنّها ليست غاية يجاهد المرء في سبيل اقتنائها. الأعجوبة هي وسيلة من وسائل أخرى، إذا ما حصلت مع امرئ قد تؤدّي به إلى الإيمان. هي، لكونها لا تعمل في كلّ الناس، لا يمكن اعتبارها جوهريّة البتّة. هي قد تحدث مع بعضهم من دون الآخرين، والحادث…
الإنسان، إذا أخذنا ظاهره فقط، هو كيان مكوّن من موادّ عديدة قابلة للانحلال في أيّ وقت من الأوقات. هو كيان سيتفكّك ويتحلّل، لأنّه أصلاً كيان قابل للفساد. في هذا المنظور المادّيّ للكيان الإنسانيّ، يصبح أيّ عارض يصيب الجسد، من تعب وإرهاق وأوهان ومرض وأوجاع، أمرًا طبيعيًّا، بل حتميًّا. لذلك، طالما الإنسان يسعى على وجه البسيطة…
ينزعج السياسيّون من تدخّل رجال الدين في الشأن السياسيّ وبخاصّة حين لا يخدم هذا التدخّل مصالحهم، فيصرخون مطالبين بكفّ يد رجال الدين عن التدخّل في ما يعتبرونه حقلهم الخاصّ. غير أنّ هؤلاء السياسيّين أنفسهم يهلّلون لتدخّل رجال الدين حين يصبّ ذلك في مصلحتهم. فهل يجوز أن يتدخّل رجال الدين في الشأن السياسيّ أم لا؟ ومتى؟…
تفاقمت مؤخّرًا ظاهرة دينيّة-شعبيّة في الكنائس كلّها على السواء، باتت مرَضيّة لكثرة انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعيّ مثل النار في الهشيم، هي الانتشار المرضيّ لأخبار وقصص عن ظهورات لقدّيسين وقدّيسات ورسائل وأعاجيب وخوارق موسميّة… وقلنا إنّها ظاهرة دينيّة-شعبيّة لأنّها تكتفي بالظواهر المحسّوسة، أو بما قد تشكّله أذهان المؤمنين من أوهام يعتقدون عن خطأ أنّها من…
الأرثوذكسيّة، كنيسةً، يتأسّس إيمانها على الكتاب المقدّس وإيمان الرسل والآباء والمجامع المسكونيّة. أمّا القياس الذي تعتمده الكنيسة من أجل تحديد صحّة الإيمان الأرثوذكسيّ أو عدمه، إنّما هو العقائد التي أقرّتها المجامع المسكونيّة السبعة (آخرها السابع الذي عُقد عام 787 في القسطنطينيّة)، ولا سيّما دستور الإيمان. يضاف إلى ذلك ما أجمعت عليه الكنيسة كلّها من تعاليم…
يحكى الكثير عن التشدّد الإسلاميّ، وعن الحركات الإسلاميّة التكفيريّة، وعن العنف في الإسلام، وعن الهيمنة السلفيّة على المجتمع الإسلاميّ، وعن الإرهاب الإسلاميّ… لكن ما هو حال المسيحيّين في بلادنا إزاء هذه العناوين؟ ليس المسيحيّون، أو قسم منهم، بمنأى عن التشدّد والتعصّب والتكفير في حقّ مَن يخالفهم الرأي الدينيّ، ولا سيّما في حقّ أبناء كنيستهم. صحيح…
وقفت مريم المجدليّة القدّيسة التي عادلت الرسل عند قبر يسوع تبكي، لأنّها وجدته فارغًا من جسده. بكت مريم عند القبر لأنّهم، وفق قولها، “أخذوا سيّدي، ولست أعلم أين وضعوه” (يوحنّا ٢٠: ١٣). ظنّت أنّهم قد اختطفوه من القبر إلى مكان آخر. اليوم، على عتبة الألفيّة الثانية لهذا التساؤل، نقول بصيغة المتكلّم الجمع، لا بصيغة الغائب…