حيثما يسود التطرّف، يغيب الله. يمسي الله إله القبيلة، لا ربّ العالمين، طوطمها الذي يحميها من أبناء القبائل الأخرى ويحصّنها في برجها العاجيّ. يصبح الله “ماركة مسجّلة” لفئة من دون أخرى. لا يحضر إلاّ في عباداتها ولا يلبّي دعوات سواها. هو مجرّد موظّف، متأهّب دائمًا لتنفيذ رغباتها. وعوضًا عن المحبّة والرحمة يحلّ الكره والقساوة في…
تحلّى الشيخ عبدالله العلايلي (1914-1996) بالجرأة والإقدام حيث انكفأ سواه من أهل الفقه. فأصدر كتاب “أين الخطأ؟ تصحيح مفاهيم ونظرة تجديد…” (الطبعة الأولى، دار العلم للملايين، 1978؛ الطبعة الثانية، دار الجديد، 1992) انتقد فيه، من باب العالم بالفقه الإسلاميّ، قضايا فقهيّة عدّة رأى فيها تباينًا مع المنهج الإسلاميّ الصحيح. وسرعان ما مُنع كتابه، بطبعته الأولى،…
أثبتت الوقائع أنّ العصبيّة المزدوجة، على المستوى الوطنيّ، عصبيّة لا تؤدّي إلى قيام لحمة راسخة بين أعضاء الوطن الواحد. فلا يمكن الجمع ما بين العصبيّة الوطنيّة من جهة، والعصبيّة الدينيّة أو المذهبيّة أو الطائفيّة من جهة أخرى. كما أثبتت الوقائع أنّ الهويّة الدينيّة، بكلّ أنواعها، وإقحامها في بنية الهويّة الوطنيّة لا يمكن أن تؤدّي إلاّ…
يلجأ معظم رجال الدين المسيحيّين والمسلمين، حين يدعون إلى الوحدة الوطنيّة، إلى توسّل الخطاب الدينيّ القائل بأنّ جميعنا، مسلمين ومسيحيّين، إنّما نعبد إلهًا واحدًا، لذلك يتوجّب علينا، وفق هذا الخطاب، أن نحيا معًا على قاعدة الوطن الواحد والمصير المشترك. لا ريب في أنّ هؤلاء نيّاتهم حسنة ومقاصدهم خيّرة، وينشدون السلام والوئام والعيش الطيّب ما بين…
يجمع أهل الأديان، بعامّة، على القول بأنّ الأديان إنّما جُعلت لخدمة الإنسان، لا الإنسان لخدمة الأديان. فالإنسان هو قمّة الخلق وأكرم المخلوقات، فالله خلقه “على صورته ومثاله”، وجعله “خليفةً في الأرض”، وسلّمه المسكونة أمانةً. ولا ننسى أيضًا أنّ الإنسان وُجد قبل ظهور الأديان بملايين السنين. والإنسان وحده، من بين المخلوقات المرئيّة كافّة، قد وعده الله…
يلوم بعضهم أبناء “الأقلّيّات” لأنّهم يعلون شأن هويّاتهم الدينيّة والعرقيّة على سواها من الهويّات الجامعة. ولكنّ معظم اللائمين ينطلقون في انتقادهم من مواقف مذهبيّة ضيّقة، ومن غلبة عدديّة تفترض أنّ لها الحقّ بأن تفرض ما تشاء على الأقلّيّات التي ليس لها سوى أن تخضع، طوعًا أو كرهًا، لمشيئة الغالبيّة. في الواقع، لم يفلح الفكر الإسلاميّ…
اتّفق جمال الدين الأفغاني (ت 1897) ومحمّد عبده (ت 1905)، وهما رائدا الإصلاح الإسلاميّ في العصر الحديث، على أنّ مصدر الضعف والتراجع في المجتمع الإسلاميّ كامن في فقدان الوحدة ما بين المسلمين، وعلى أنّ العامل الأساس في عدم التوحّد كامن في الانقسام بين السنّة والشيعة. وقد اعتبر الأفغانيّ أنّ أعداء الإسلام، وكان يقصد بهذا القول…
منذ زمن طويل ثمّة قلق على المسيحيّين الشرقيّين. منذ نشوء الإسلام إلى يومنا الحاضر، مرورًا بالدول كافّة التي حكمت هذه الديار، ثمّة قلق على المسيحيّين الشرقيّين. وسيبقى هذا القلق مقيمًا ما دام ثمّة مسيحيّ يسعى على أرض هذا الشرق. ولكن شتّان ما بين قلق وقلق. فقلق المسيحيّين الشرقيّين هو غير قلق الأوروبيّين، وله أسباب متعدّدة،…
يأتي عيد الأضحى، ذكرى تقديم إبرهيم النبيّ ابنه ذبيحة، ليضعنا، ككلّ عام، أمام البحث عن رمزيّة هذا الحدث. ونحن لن نخوض، هنا، في مسألة تاريخيّة الحدث، أو في مسألة التحقّق من هويّة الطفل (إسحق وفق الرواية التوراتيّة، أم إسماعيل وفق التراث الإسلاميّ) الذي كان إبرهيم مزمعًا أن يذبحه تقدمةً لله. ما يعنينا هنا إنّما هو…