طلب يسوع – المطران بولس (بندلي)

mjoa Tuesday May 17, 2016 164

طلب يسوع – المطران بولس (بندلي)
“أنتن “تطلبن” يسوع الناصري المصلوب”! هذا ما قاله الملاك للنساء الحاملات الطيب.
وتجاسر يوسف الذي من الرامة فدخل على بيلاطس “ليطلب” جسد يسوع.
هذا ما يرد في الانجيل المقدس الذي نسمعه اليوم بمناسبة أحد حاملات الطيب اللواتي نقيم تذكارهن مع يوسف الرامي.
كلهم كانوا يطلبون جسد يسوع.
كلهم كانوا يلتمسون جسداً مائتاً حاملاً آثار المسامير التي ثقبت يديه ورجليه والحربة التي طعنت جنبه الطاهر الفائض منه الدم والماء.
الغريب انهم يطلبون “من مات”  ليقدموا له دفناً لائقاً به وطيوباً معطِّرة لجسده.
 يا لمحبة كبيرة يعبّرون عنها وشجاعة لا توصف تنبع منها.

الناس عادة يتمسكون بالحي، أما أولئك فكانوا يتشبثون بميت. النساء تذهبن لوحدهن في الليل اذ أنهن وصلن القبر وقد طلعت الشمس والرجل الشريف يتجاسر أن يدخل على والٍ أُقيم لكي يطبّق قوانين تحظّر على أي كان أن يطلب جسد من حُكم عليه بالموت، فلا يرهب ترتيباً بشرياً يردعه عن عمله بل نراه يُقْدِم على طلب الجسد غير مبال بما يمكن أن ينتج له من قصاص.
ما هو سر هذه القوة؟
ان الميت المطلوب ليس ميتاً اعتيادياً، انه ميت دخل طوعاً مملكة الموت لكي يفلت من قبضتها كل المائتين فينهضون معه صارخين معنا “أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا جحيم؟ قام المسيح وليس أحد في القبور”! هذا سر قوة اقتحام أُعطيت لمن نعيّد لهم اليوم، لقد غلبوا ضعفهم البشري بقوة النعمة الغالبة التي أُعطيت لهم من الرب الناهض من بين الأموات.
والسؤال المطروح علينا الآن هو الآتي: هل نطلب يسوع؟ أي يسوع نطلب؟ كيف نطلبه؟
انه الواقف أبداً على باب حياتنا يقرع دون كلل -لا يريد أن يتوقف عن الطرق على أبواب قلوبنا- هل نحن مستعدون أن نطلبه كما هو يطلبنا وأي يسوع سنطلب؟ هل هو الاله الجبار الساحق للبشر كما نشوّه صورته في كثير من الأحيان أم نقبله الهاً مصلوباً من أجل معاصينا ومائتاً من أجل انقاذنا من موت الخطيئة؟ هل نحن مستعدون أن نطلبه في المساكين والفقراء والمتألمين وقد وحّد نفسه بهم؟ هل نقبل به جسداً مثقوباً ومطعوناً نتعرف “عليه” في جراح البشر الذين نلقاهم في كل يوم؟ اذا قبلنا به هكذا فحينئذ نتجاسر أن ندخل على بيلاطس لنقول له مع يوسف الرامي: أعطني هذا الغريب الذي يساعدني أن أراه في كل جائع وعطشان وغريب ومريض وعريان، وحينئذ فقط نتقوى لمرافقة النساء الحاملات الطيب الى قبر معطي الحياة فنعود منه حاملين الطيب الذي لا ثمن له الى كل انسان فتغلب رائحة طيب الهي نتانة خطايانا، بقوة الرب يسوع المسيح.   

مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 18- في 3 أيار 1998
أحـــد حاملات الطيب

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share