في المناسبات الكبرى، يقف الإنسان مطوّلاً أمام ذاته، ويجري مراجعة وجدانيّة للأحداث التي عاشها أو عاينها، فيخلص إلى نتيجة يظهر فيها مقدار ما كسبه وما خسره على الصعيدين الروحيّ والمادّيّ على السواء. وعيد الميلاد المجيد، الذي يقع في نهاية السنة، هو أحد هذه المناسبات، أو ربّما المناسبة الأهمّ، التي تستدعي مثل هذه المراجعات. لن نقول…
“أنا أو هوَ” هكذا تبدأ الحرب. لكنّها تنتهي بلقاء حرجْ: “أنا و هوَ” محمود درويش، حالة حصار، ص 64 كثيرًا ما استعار الشعراء العرب المعاصرين، وبخاصّة مَن تناول منهم في شعره قضيّة الشعب الفلسطينيّ المطرود من أرضه، صورة الحقيبة للحديث عن الوطن. ولم يخالفهم، في هذه الاستعارة، الشعراء اللبنانيّون الذين، على مدى الحروب الداخليّة…
يلحظ كتاب تنظيم الصلوات الكنسيّة، المعروف باسم “التيبيكون”، الحالات التي يقع فيها عيد بشارة سيّدتنا والدة الإله في السبوع العظيم ويوم الفصح المجيد، وفي الثلاثة الأيّام الأولى من أسبوع التجديدات. وهي حالات باتت مستحيلة وغير قابلة للتحقيق في أيّامنا هذه، وذلك بعد اعتماد كنيستنا، في تحديد أعيادها الثابثة، على التقويم الغربيّ وإبقائها على التقويم الشرقيّ،…
يشهد مشرقنا العربيّ منذ ما يزيد على عقد من السنوات تناميًا في الخطاب المتشدّد في كلّ الميادين. فلا يمكن عزل السياسيّ عن الدينيّ عن المذهبيّ عن الطائفيّ في جوّ ما فتئت غيوم الفتن تتراكم وتتشكّل وتنبئ بعواصف عاتية، آتية لا ريب فيها، لن تبقي ولن تذر بشرًا ولا حجرًا. وقد بات أبناء هذا المشرق يتعايشون…
كيف يمكن المسيحيّ أن يبقى مسيحيًّا في وقت يختلف فيه أبناء الوطن الواحد بين خيارات متعدّدة؟ وكيف يمكنه أن يعزّز إخلاصه للإنجيل فيظلّ أمينًا على تعاليم الربّ؟ لا بدّ، بدءًا، من القول إنّ الأنبياء، وخاتمهم القدّيس يوحنّا المعمدان، لم ينأوا بأنفسهم عن قضايا مجتمعاتهم وناسها. فوقفوا في وجه الطغاة والمستكبرين من الملوك والولاة، ووبّخوهم، ودعوهم…
“كنْ في الفتنة كابن اللَّبون: لا ظهرٌ فيُركب، ولا ضرعٌ فيُحلب” عليّ بن أبي طالب، نهج البلاغة الأب جورج مسّوح يذهب المؤمن من التزامه الكنسيّ إلى العمل في الشأن العامّ. فهو مدعوّ إلى الشهادة للمسيح في المجتمع الذي يحيا فيه، وتحسين شروط الحياة لمواطنيه، بحيث يكون نضاله مكرّسًا في سبيل رفعة الإنسان وكرامته.…
شنّ العدوّ الإسرائيليّ حربًا على لبنان لم يرحم فيها الحجر ولا البشر. قتّل بلا هوادة ولا رادع أخلاقيّ، دمّر المنازل، دكّ الجسور، حرث الزفت، أحرق المواسم، نثر القنابل العنقوديّة، ولم يُبقِ ولم يذر يابسًا أو أخضر، جافًّا أو طريًّا… لكن ماذا عن الوحدة الوطنيّة والتعايش المسيحيّ الإسلاميّ أثناء هذه الحرب وبعدها؟ في الواقع، استقبل اللبنانيّون…
ما بال هذه البلاد لا تلبث أن تعود الحرب إليها ما إنْ تتوقّف؟ ما بال هذه البلاد تعبر فيها أسراب الطائرات المقاتلة كما تتعاقب أسراب الطيور المهاجرة تأتي بلادنا في مواسمها، فلا يمرّ موسم من دونها؟ ما بال هذه البلاد يموت أطفالها قتلاً كما تتساقط الحشرات بعد رشّها بالمبيدات؟ ما بال هذه البلاد تتهدّم منازل…
منذ ما يقلّ بنزر يسير عن ألفي عام يحتفل المسيحيّون بـ«العيد الكبير»، عيد الفصح المجيد. والفصح، لغةً، هو العبور، وأصله العبور من أرض العبوديّة إلى أرض الميعاد، العبور من الاسترقاق إلى الحرّيّة. هذا الفصح جعله الربّ يسوع المسيح، بقيامته من بين الأموات، عبورًا من الموت إلى الحياة، الحياة الجديدة التي لا سلطان للموت عليها. في…